![]() |
#1
|
|||
|
|||
متعثرُ الخطواتِ يتابعُ سيرهُ على هذهِ الأرصفةِ الغَريبة.
سنونٌ ثلاثٌ مرّتْ، منذُ أنْ غادرَ بلادهُ متأبطاً ماضيّه، ومُثقلاً بسنواتِ عُمرهِ الخمسين، ووطئ بقدميهِ أرضَ بلادِ الغُربة، التّي أَرهقها بثقلِ ما يَنتعلُ مِن الذّكريات، وأرهقتهُ لأنّها لا تمتلكُ ذكرياتٍ بديلةٍ لينتعلها. وها هوَ ذا لازالَ يستجمعُ أنفاسهُ اللاهثةُ بينَ عَثرةٍ وأخرى، ويجاهدُ كي ينتصبَ بقامتهِ التّي هَدَّتها كثرةُ الهموم، ويحثُّ خطاهُ وهوَ يمدُّ يدهُ إلى جيبِ معطفهِ ليتأكدَ أن سقطاتهُ المتكرّرةِ لم تتسبّب بضياعِ كنزهِ الصّغير، مُتمتماً بحرقةٍ " سأعود" ........... متعثرَ الآمالِ يتابعُ سيرَ الأحداثِ الدّاميةِ في بلاده. سنونٌ أربعٌ مرتْ منذُ أن اجتاحَ طوفانُ الرَّبيعِ العربيِّ أرضَ وطنهُ، فجرفَ البشرَ والشّجرَ والحجرَ وجرفَ معها من ضمنِ ما جرفَ حتى الضّحكاتِ المعلقةِ على شفاهِ الأطفال، وخلّفَ وراءهُ مستنقعاً آسناً يطفو على سطحِ مياههِ الموت، وتفوحُ منهُ روائحٌ عفنةٌ للحقد. أمّا القلّةُ منَ المحظوظينَ أمثالهُ، فقد تمكّنوا منَ التّشبثِ بسفينةِ نوحٍ التّي تقلّصتْ أبعادها حتّى تحولتْ إلى طوفِ نجاةٍ ضيق، ألقى بركّابهِ عارينَ حتّى من كرامتهم، على شواطئٍ باردةٍ بعيدة. على الشّريطِ الإخباريِّ قرأَ خبراً عابراً " بعد مرورِ ست وستّين سنة على رحلةِ لجوءِ شيخٍ فلسطينيِّ، غريباً ماتَ على أرضٍ غريبةٍ، وفي جيبهِ احتفظَ أبداً بمفتاحِ بيتهِ في فلسطينَ " ........ من عينيهِ انهمرتْ دموعً صاخبةُ الوجع، قفزَ إلى معطفهِ، أخرجَ منهُ كنزهُ الصّغير، ضمّه إلى صدرهِ، وأخذَ ينتحبُ موتهُ القادم. 21/10/2014 |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
Sponsored Links | |
|