![]() |
#1
|
|||
|
|||
استفاقت على أنينِ وجعٍ تقمصَ جسدها ... خلاياها الهزيلةُ تصطكُ من البرد ... و رعشاتٌ مؤلمةٌ تسري كلعنةٍ حتى أطراف الأصابع..... وشعورٌ قاتلٌ بالاختناقِ يحتلُّ الهواء فصدرها المنهكُ بالكادِ يملكُ الطاقةَ على الارتفاعِ مع كلِّ تلكَ الهمومِ التي تثقلهُ . أوجاعٌ اعتادت مُساكنتها ولكنها في مثلِ هذا اليومِ من كل عام تكادُ تصبحُ لا تطاق .. فلعلها طريقةُ جسدها بالتعبيرِ عن الاحتفال بعيدِ شقائه ... هطلت ذاكرتها دموعاً حارقةً بللت بصمتٍ وسادتها المحشوةِ بالأرق . - سكري عيونك بسرعة .... عندي مفاجأة . - يا غشاش مو اتفقنا بلا هدايا ... بتعرف كتير منيح اني ما بآمن بهالعيد .. أصلاً كل يوم بحياتي معك هو عيد حب. - بس أنا ما أشتريت هدية.... اشتغلت هالشال بأيدي وبدِّي حبيبتي البريدة تدفا من نبض قلبي اللي حطيتو فيه... تلمست بحزنٍ الموضعَ الدافئ للشالِ الذي لم يفارق في كل الشتاءات التالياتِ عنقها . كم تكرههُ عيدُ الحبِ هذا.... فكم من عشاقٍ أودعوا أرواحهم في علبٍ فاخرةِ الذكريات... ومضوا يعبرون ما تبقى من العمر ...أشباهَ أحياءٍ ... بأشباهِ نبضات . وكم من آخرينَ حاصرهم اليأسُ.. فأمدهم الحبُ بمديةٍ غرسوها في قلبِ الحياةِ ,,,وسجلوا أسمائهم على صروحٍ منسيةٍ كشهداء حب . وكم و كم من حكاياتٍ توَّجها الحبُ بالزواج ...ليكتشف أبطالها بأنهم إنما توَّجوا حياتهم بزواجٍ كاثوليكيٍ مع الخيبة فهل تستحقُ حقاً تلكَ المناسباتُ التي تشقيَّنا أن نحتجزَ لها موعداً في قائمةِ تقويمِ أعيادنا ... - انا رايح لا تستنيني اليوم . صاحَ صوتٌ أجشٌ لرجلٍ باركَ الجوعُ والقهرُ عقداً سمحَ له باستباحةِ جسدها . - أم العيال محتفلة بالبيت اليوم وما رح خجلها ..خلي أمك تجي لعندك . صادمٌ حقاً كيفَ يمكنُ لثلاثِ سنواتٍ أن تغيّرَ وجهَّةَ عقاربِ سنين العمر. فعلى مدرجاتِ الجامعةِ أزهرَ قلبها أعياداً دائمةً ثلاثيةَ المواسم انتهت في غفلةٍ عن الحب و خلفت لها بينَ الضلوع جذعاً جافاً ستتكئُ عليه لما تبقى لها في العمرِ من نبضات ..... وثلاثُ سنوات أخرى من الحرب فرشت على كل أرجاء البلاد ذيول عباءتها المثخنةِ بالجراح وشاءتِ الأقدارُ أن تخصها وعائلتها برصيدٍ مرتفعٍ من الفجائع. التحقَ الحبيبُ بخدمةِ العلمِ ليتعجلَ بالزواج فعاجلتهُ الحرب وألحقَ اسمهُ بقائمة المفقودين حتى إشعارٍ آخر. وفي فوضى لعبةِ القذائفِ معصوبةِ العينين تعثرت إحداهنَّ بسقفِ منزلها فدمرتهُ و قصفت عمرَّ ربِّ العائلةِ لتقصفَ معهُ ما تبقى لها ولوالدتها من أمل ٍ بحياةٍ كريمةٍ . سرقت الحربُ منها الحبيبَ والأبَّ والمنزلَ والأمان... فمدت لها ذراعيّنِ مستسلمتينِ لتهبها ما بقي في أعماقها من شعلةٍ للحياة ...و وافقت أن توقعَ وثيقةً تكرمَ فيها فاعلُ خيرٍ في الخامسةِ والستينَ من العمر بمنحها مع أمها مأوىً من التّشردِ على أن تمنحهُ في المقابلِ جسدها . يا الله كم يبدو الموتُ شهياً على تلك المائدةِ المتخمةِ بالأوجاع . لكنها لا تملكُ حتى القدرةَ على تمنيه... فجسدها مودعٌ عندَ من يملكهُ بحقِ عقدِ الزواج ... و روحها مودعةٌ عند من تمتلكها بحقِ عقدِ الأمومة... فبأي حق تستلبها لتضيفَ فجيعةً جديدةً إلى قائمةِ فجائعِ هذه المسكينة . انكمشت على نفسها في زاويةٍ من ذاكَ السريرِ الذي تكره ... و تشبثت بشالها العزيز الذي حرصت أن تنثرهُ على كل انحناءات جسدها... و حاولت بعبثيةٍ جنونيةٍ أن تستنشق فيه رائحةَ من تعشق وأن تستشعرَ دفءَ أنفاسه . أدنتهُ بأصابعَ مرتعشة من قلبها الواهن لعلها تستعيرَ بضعاً من النبضاتِ التي أودعها من أجلها بين الخيوطِ ذاتَ عيدِ حب لتمنحها من الطاقةِ ما قد يعينها على تحملِ عبورِ هذهِ التي لازالوا يدعونها حياة. 14/2/2014 |
Sponsored Links | |
|
#2
|
|||
|
|||
بالصدفة
بعد ان تأ تي الكهرباء ونتسابق الى النت تكون مشاركتك طازجة فأستمتع (بسندويشة شهية) من الأدب الراقي لن اكرر ما قلت سابقا ولكن (يا عيني يا عيني) العزيزة ربى: منذ فترة كنّا مع ناقد وكاتب قصة ( حمصي) واثنا ءالحديث اعطى قيمة كبيرة لعلامات الترقيم لا يفوتك ان القصة والمقالة تغيّر الفاصلة مثلا جملة ( هي اللغة العربية) انا امامي ورقة مكتوب فيه العلامات كالشدّة والتنوين والخ ومع ذلك اقع في مشاكل الكيبورد الرجاء الاهتما م بالشدّات لا اوقعك الله في شدّة واخيرا رائع ما كتبت وننتظر المزيد تحية للعائلة(بس ما قلتيلنا اسماء الاولاد الله يخلّيهم) ود وورد |
#3
|
|||
|
|||
شكرااا كتير سالم لزوقك وكلماتك كالعادة مرورك جميل و بيرفع المعنويات
بوافقك تماما بأهمية الشدة وعلامات الترقيم باللغة العربية وتغيرها للمعنى والحقيقة مؤخراً بديت اتعامل بجدية واحترافية اكتر مع الكتابة و آخذ هالموضوع بعين الإعتبار بس انا الكسولة وقت عم انشر شي قديم ما عم ارجع ظبطو ولادي مايكل و جويل ...شكرااا لزوقك واهتمامك |
#4
|
||||
|
||||
قصّة قصيرة جميلة مكتوبة بأسلوب أدبي أنيق ..شكراً لهذا الجمال صديقتنا ربى..
وحبذا لو تركتِ لنا بخاتمتها جرعةً من الأمل .....فما أحوجنا في وطننا اليوم إلى ذاكَ الدواء السحري في مواجهة اليأس , ذلك السلاح االفتّاك المصنّع في مختبرات كيمياء الأحاسيس الأجنبية , والذي لا يكفُّ عدوونا عن استخدمهُ ضدنا ببراعة . |
#5
|
|||
|
|||
شكرااا دكتور ماجد ...اسعدني مرورك الجميل وكلماتك المشجعة
اعتذر عن كم الحزن والتشائم بين السطور و لكنها قصص نساء بلادي تلك التي خلفت في القلب غصة فعجزت الكلمات امام استباحت حياتهن واعراضهن عن التفاؤل .... سأعود قريباً لنشر أول مقالة قادتني لامسك القلم واعبر عن قهري وقلة حيلتي امام طغيان الحرب بعنوان "الامل مثقوب" اعذرني سلفاً لثقب وشاح الامل فيها |
#6
|
||||
|
||||
قصة مفعمة بالمشاعر والأحاسيس جعلتنا نعلو ونهبط بين دفء الذكريات وصقيع الواقع.. قصة الحب والحرب الأزلية الأبدية .. رائعة يا ربى تسلم الأنامل
__________________
الرب راعي فلا يعوزني شيء.. في مراع خصيبة يربضني ومياه الراحة يوردني.. |
#7
|
|||
|
|||
شكرااا انجيل لكلماتك كلك زوق ومرورك كالعادة راقي متلك
|
#8
|
||||
|
||||
ربى مرة ثانية وبصدق قرأت هذه القصة القصيرة لأكثر من مرة قبل الرد طبعا اللغة العربية ليست من إختصاصي لا الفتحة ولا الشدة ولا السكون ...ربما تعنيني الحبكة والمقدمة والنهاية وفحوى ومغزى القصة وأعتقد أنه الأهم مع احترامي للملاحظة التي نوه اليها العزيز سالم . أديبتنا الطيبة الرائعة أنت تستحقين هذا اللقب لأنك من غير أن تدري تغزين مشاعرناو بقوة حتى أنك بإسلوبك الرائع تجعليننا أحد أبطال هذه الرواية ...ومن منا ياربى لم يعش حزنا وألما ووجعا وحنين وحب ولك من تحية من القلب ![]() ![]()
__________________
كل مجدي أني حاولت....sanaa jalhoum |
#9
|
|||
|
|||
شكرااا كتيررر سناء ..مرة تانية بتمنحي قصتي القصيرة شرف قرائتها أكتر من مرة ...انا أكثر من سعيدة بكلماتك وتشجيعك وهاللقب الرائع اللي عطيتيني اياه
للأسف بس كأنو الوجع والمعاناة والالم درب ضروري ليتطهر الإنسان بأعماقنا ونقدر نتلمس بشفافية وجع الآخر وحزنو ... شكراً للمشاعر النبيلة بداخلك سناء |
#10
|
|||
|
|||
عزيزتي ربى : في هذا العصر اللعين , عصر الألم والقهر والجنوح والضياع , وكلٌ فيه يعمل بما يستطيع وما يحب اللص وعصابته , القاتل وجماعته , الآثم وميوله , الجزار وضحيته والوحيدة التي لا تعمل هي السعادة وأمرنا لله .
ما أجمل عباراتك الذهبية وأفكارك النقية التي تداعب الواقع مع غصة من الألم وهذا ما نعيشه جميعنا وبكل أسف , كل الشكر لك على روعة الابداع وغزارة التألق في كل ما تكتبين وأكرر شكري .
__________________
الصديق كالوريد يمد القلب بالحياة |
#11
|
|||
|
|||
الشكرا الكبير إلك سيد مطانيوس على مرورك و على الكلام الجميل اللي حكيتو و التشجيع الأجمل كتيررر بيدفعني هالحكي للأمام ..... لك مني كل التحية و الاحترام
|
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
Sponsored Links | |
|